نافذة تاريخية جغرافية على النوبة فى ندوة بمركز الإبداع

كتب و صور محمد محجوب أبو العلا : شهدت مكتبة مركز الابداع خلال اليومين الماضيين ندوتين حول التراث النوبي بالإشتراك مع جمعية نوب للتراث النوبي و التنمية بالاسكندرية أدارها مؤسس الجمعية الصحفى النوبى طارق فتحي حسين نائب مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط و رئيس تحرير أنباء الإسكندرية المصورة .
تتناول الندوات التي ستعقد شهريا بالمركز تحت عنوان ” أجمل ما قرأت ” ابرز ملامح التراث النوبي باعتباره مكونا ثقافيا اصيلا في الثقافة المصرية و الافريقية  و اهم القواسم  المشتركة ايضا مع التراث الجنوبي في صعيد مصر .
ويرى طارق حسين أن المكتبة المصرية تفتقر لكثير من الكتب التى تناولت النوبة و هذا يجعل الباحث المصرى عندما يشرع فى البحث عن النوبة يقع تحت تأثير الدراسات الأجنبية التى يمكن أن تكون مسيسة ولها أغراض معينة.
و قال ان روح النوبة الأصلية هى التراث و هو ممتد منذ القدم حيث كانت الأغنية النوبية بمحتواها الابداعي من كلمات و ألحان أحد العوامل الأساسية التى حافظت على ذلك التراث و خاصة اللغة بلهجتيها ( الكنزية و الفاديجا ) و بين كيف اعتمد النوبى على البيئة المحيطة به فى نواحى الحياة و كيف استخدم الطين و الاحجار فى بناء المنازل فضلا عن تميزها المعماري بالإضافة لإستخدام النخل فى كثير من الأمور.
و تتطرق للهجرات التي تعرض لها النوبيين و التى كانت بشكل رأسى و ليس أفقى مما جعل الآهالى في شمال النوبة يتعاملون بالصيد و التجارة أكثر من اعتمادهم علي الزراعة بسبب مناسيب المياه الغير مستقرة  و كيف كان النوبى يبدأ حياته فى المدن عن طريق السكن فى شقة بسيطة تتحول فيما بعد إلى مكانا لإستقبال أقاربه لتتحول فيما بعد الي الجمعيات النوبية التي نراها الان و التي كانت جغرافيا قريبة الي محال اعمالهم بوسط المدينة  و دور الجمعيات القروية في الاتصال المستمر مع القرى فى محافظة أسوان.
و قال ان هناك إعتقاد خاطئ عن الفرد النوبى بانه كسول و ذلك غير صحيح لأن المشكلة تكمن فى عقبة اللغة و عدم تأهيلهم تعليميا وتوفير فرص عمل لهم من قبل الحكومة قبل ثورة يوليو 1952 .
ثم تحول النقاش إلى الحديث عن الموسيقى و الأغنية النوبية وأوضح أن الرقص والغناء يرتبط بالطقوس النوبية الحياتية مثل الزواج و الميلاد حيث تقوم النساء مثلا بغناء أغانيهم الخاصة , أيضا هناك ” العديد ” الذي تنوح به السيدات عند الوفاة و الذي يتلاحظ  فيه السجع وال تناغم و يغلب عليه الطابع الحزين في ذكر مناقب المتوفي و حال الاسرة بعد فقدانه .
كما يختلف إستخدام الآلات الموسيقية بين القبائل النوبية على حسب المناطق المختلفة كما تختلف أغانى الأفراح عن أغانى الصوفية فى الموالد.
و قام بعرض بعض الأغانى النوبية للعديد من مطربى النوبة أمثال الراحل حمزة علاء الدين الذى كان يطلق على الأغنية النوبية الأغنية النيلية و الذى وصلت شهرته إلى العالمية حتى أن خبر وفاته نشر عبر وسائل الإعلام الأجنبية , بالإضافة إلى الراحل حسن جازولى و المطربين خضر العطار و حسن الصغير و رشا شيخ الدين.      
ثم تحدث الباحث الجغرافى أسامة  عن عمليات التهجير و كيف تمت حيث قال قبل بناء سد أسوان (1902) كانت النوبة تتكون من 39 قرية تمتد من جنوب أسوان حتى خط الحدود السودانية المصرية حيث كانت تضم نحو 535 نجعا , و بعد إكتمال سد أسوان و إرتفاع منسوب المياه إلى 106م غرقت عشرة قرى نوبية هى دابود- دهميت – امبركاب – كلابشة – ابوهور – مرواو – قرشة – كشتمنه – جرف حسين – الدكة ,  و عند تعلية السد (1912) ارتفع منسوب المياه إلى 114م و غرقت عشرات القرى أيضا.
فى عام 1960 أجرت وزارة الشئون الإجتماعية عدة دراسات سكانية تمهيدا لتهجير النوبيين بعد البدء بمشروع السد العالى و أتضح منها أن عدد أبناء النوبة الإجمالى 98609 نسمة , و عدد أبناء النوبة المقيمين بالنوبة 48028 نسمة , و عدد أبناء النوبة المغتربين 50581 نسمة , و عدد الأسر المقيمة بالنوبة 16861 أسرة , و عدد الأسر المغتربة 8467 أسرة , و قدر عدد المساكن النوبية 24 الف سكن.
و تمت عملية التهجير الكبري على دفعات حيث تم إخلاء النوبة القديمة قبل 15 مايو 1964موعد تحويل مجرى النيل , حيث تم نقل السكان إلى منطقة  كوم أمبو و أسنا شمال مدينة اسوان و هو ما احدث ازمة بعد تزايد السكان في منطقة صغيرة  كما أن الأراضى لم تكن قد تم إستصلاح الكثير منها علاوة على بعدها عن النيل , و تم بناء نحو  15589 مسكنا بما يماثل 65% من عدد المساكن النوبية (24 ألف سكن ) فبل التهجير كمرحلة أولى و أخيرة , أما باقى المساكن (8411) فلم يتم تنغيذها حتى الآن .

يذكر انه من المقرر ان تقام ندوتين مماثلتين ايام 21 و 22 مايو المقبل تتناول المزيد من المعلومات حول التراث النوبي .